الجمعة 17 ذو الحجة 1441هـ

الموافق 7 أغسطس 2020 م

 

الحمد لله خالق كل شيء، ورازق كل حي، أحاط بكل شيء علماً، وكل شيء عنده بأجل مسمى، نحمده سبحانه ونشكره، ونتوب إليه ونستغفره وهو بكل لسان محمود، ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وهو الإله المعبود. ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الركع السجود، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى اليوم الموعود.

أمّا بعد: فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)

معاشر المسلمين: يحرص كثير من الناس على تحسين أوضاعهم المادية، ويبذلون في سبيل ذلك ما يستطيعون من جهد، ويسلكون الأسباب والوسائل لتحقيق هذا المقصد والوصول لتلك الغاية، فتجد الواحد منهم في ليله ونهاره مراقباً ملاحظًاً لحاله، يعرف مظاهر التقدم والتأخر، بل تراه لا يرضى بما تقوم به حياته، وتستقيم به معيشته حتى يحصل من الدنيا أعلى الدرجات وأشرف المراتب، وهو لا يدري في جهده وعمله أيحصل له ذلك أم لا، ولا يدري كذلك أتكون سعادته فيما يروم الوصول إليه من أمر الدنيا أم تكون شقاوته.. هذه حال كثير من الناس فيما يتعلق بأمور الدنيا، إلا من رحم الله، فما هي يا ترى حال الكثير منا مع ربهم مع دينهم مع إيمانهم مع تقواهم مع زادهم الذي يبلغهم الآخرة.. إننا نلحظ في واقعنا ضعف الاهتمام وقلة الحرص على ما يقوى به إيماننا، وتعظم به تقوانا ويحصل به إرضاء ربنا والاستعداد للقدوم عليه غداً…

مَن مِن الناس اليوم يهتم اهتماماً عظيماً بأداء الفرائض على الصورة التي يحبها الله ويرضاها؟! ومن من الناس اليوم يحرص على فعل النوافل والإكثار من الطاعات التي تقربه إلى رب الأرض والسماوات؟! مَن مِن الناس اليوم تراه حريصاً على تقوية الإيمان في قلبه يغتم كلما أحس بضعف إيمانه ويجتهد في فعل الأسباب التي تزيل هذا الضعف كما يجتهد في البعد كل ما يضعف إيمانه؟ مَن مِن الناس اليوم يحزن ويندم ويقلق قلبه إذا بدرت منه معصية أو فرَّط في طاعة أو قصر في حق الله عز وجل؟

إن واقعنا اليوم مع ربنا عز وجل مهين ومشين، فلا القلوب تخشع ولا العيون تدمع، ولا الجوارح تنقاد بيسر وسهولة للطاعات والقربات. نشكو قسوة في القلوب، وتحجراً في العيون، وفتوراً في أداء الطاعات والعبادات، وكسلاً في القيام بالواجبات، وتثاقلاً عظيماً عن أداء النوافل والمستحبات.. أين نحن يا عباد الله من أقوام كان الواحد منهم يصبح ويمسي ولا همَّ له إلا عمارة آخرته والعمل لها، والاستعداد لملاقاة ربه.. أين نحن من أقوام كان أحدهم يرى المعصية الصغيرة كجبل عظيم وقع عليه؟!

أين نحن من أقوام حققوا الفرائض والواجبات وابتعدوا عن النواهي والمحرمات تراهم في الليل قائمين قانتين يرتلون آي الذكر الحكيم، ويناجون بتضرع الرب الرحيم وفي النهار صائمين وعن اللغو معرضين، ومع ذلك يحتقرون ذلك كله ويخافون سوء الخاتمة.. لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو إمام العابدين وسيد الخاشعين الذي يقول عن نفسه: (أما واللَّهِ إنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وأَتْقَاكُمْ له) لقد كان صلى الله عليه وسلم مع ذلك يقوم من الليل ما شاء الله له أن يقوم حتى تفطرت قدماه ويقول: (أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أكُونَ عبْداً شكُوراً)؟ لقد كان يناجي ربه دائماً ويسأله الثبات والاستقامة فكان يقول: (يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ، ويا مُصَرِّفَ الأبصار صَرِّفْ قُلُبَي على طَاعَتِك)

وقد كان صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: (من سرَّتْهُ حسنتُهُ وساءتْهُ سيِّئتُهُ فهو مؤمنٌ) وها هم أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم يحققون هذه الوصية، فكانوا أشد ما يكونون فرحاً وسروراً بفعل الطاعة وأشد ما يكونون حزناً وغمّاً بالوقوع في المعصية.

فكان أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: (إِنَّكُمْ لَتَعْملُونَ أَعْمَالاً هِيَ أَدقُّ في أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، كُنَّا نَعْدُّهَا عَلَى عَهْدِ رسولِ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْمُوِبقاتِ أي المهلكات).. سأل رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يوماً أصحابه فقال: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِماً)؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا. (وجب أن يجيب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سألهم، لا يريد المفاخرة بالأعمال ولا الرياء). قَالَ: فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا. قَالَ: (فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِيناً؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا. قَالَ: فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضاً؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا اجْتَمَعْنَ فِي قلب امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ) وكان الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي، حتى إذا كان آخر الليل، أيقظ أهله وهو يقول: (الصلاة، الصلاة، ثم يتلو هذه الآية: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) وروي: (أن عمر رضي الله عنه مرَ برجل وهو يقرأ: (وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ) حتى بلغ: (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ)  فبكى بكاءً شديداً حتى مرض أياماً، وعاده بعض إخوانه رضي الله عنه.

وكان ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه من المجتهدين في العبادة، وقد رُوي من غير وجه أنه كان يطيل الصلاة عند الحجر الأسود أيام الحج، وقد كان هذا من دأبه..

وكان يفتتح القرآن ليلة الجمعة، ويختمه ليلة الخميس، وكان يكثر من الصيام والقيام.

وكان الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه من أصحاب العبادة الشاملة في كلّ جوانب حياته؛ فكان من أصحاب التهجُّد في الليل، يحثّ غيره على مخافة الله واستشعار مراقبته لهم، والتوجّه إليه خوفاً من عقابه، ورجاءً لرحمته، مُبيّناً لهم أنّ النفع والضرّ بيده وحده، وأنّه المُنعِم الوحيد عليهم، ومالك كلّ شيءٍ. وكان يقول: كونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عمل ولا حساب ، وغداً حساب ولا عمل.

هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حرصاً على الطاعات وتنويعاً لها وتنافساً في القربات وتسارعاً في العبادات وعلى هذا درج التابعون، وسلف هذه الأمة في الاجتهاد في الطاعة وتحصين الإسلام وتقوية الإيمان لا في زمان معين بل في كل أزمنتهم وكل أيام أعمارهم وحياتهم. قال عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله لو قيل لحماد بن سلمة رحمه الله: (إنك تموت غداً ما قدر أن يزيد في العمل شيئاً). وها هو أحد التابعين يقول: ماتت لي بنت فعزاني نفر كثير، وفاتتني صلاة الجماعة فلم يعزني أحد.. هكذا كانوا رحمهم الله إقبالاً على الطاعة وحرصاً عليها، وبعداً عن المعصية وخوفًاً منها وحزناً على وقوعها.

أيها المسلمون: إن التنافس الحقيقي هو التنافس في ميادين الطاعات ومضمار العبادة، إن الربح الحقيقي إنما هو الربح في التجارة مع الله عز وجل، إن الرابح حقًّاً والفائز صدقًاً من يصبح ولسان حاله يقول: الحمد لله الذي مد في عمري حتى أستكثر من الطاعة والعبادة وأجدد التوبة والإنابة فتراه ذاكراً لربه في ليله ونهاره، لا يفتر عن الطاعة، ولا يمل من العبادة، يتنقل من طاعة لأخرى كصلاة وصيام وذكر وصدقة وقراءة للقرآن، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر بحكمة وفطنة ولين، ودعوة إلى الله وإصلاح بين الناس وصلة رحم، وعيادة مريض، وغير ذلك من ألوان الطاعة والعبادة. حتى في أموره المباحة يجتهد في أن تكون تلك الأمور المباحة عوناً له على طاعة ربه وتحقيق مرضاة مولاه.

إن الخاسر عباد الله من يصبح ويمسي ويقوم ويقعد ولا هم له إلا الدنيا، يفكر فيها ويسعى ليله ونهاره لجمع حطامها، هذا والله هو الخاسر وإن ظن أنه هو المفلح الناجح وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: (مَنْ كَانَ هَمُّهُ الْآخِرَةَ، جَمَعَ اللهُ شَمْلَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيَا، فَرَّقَ اللهُ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ).

أيها المؤمنون: إن بداية الحل لمشكلاتنا وطريق النهوض من غفلتنا يبدأ أول ما يبدأ بإدراك المشكلة، ومعرفة أبعادها، فمتى ما أدرك كل واحد منا ضعف الإيمان في قلوبنا، ومتى ما شعرنا بقسوة قلوبنا، فهذه هي أولى خطوات العلاج وبداية تصحيح المسيرة. المشكلة أن يسير الإنسان في حياته وتمضي عليه سنوات عمره وهو لا يشعر بمدى ضعف إيمانه ومدى قسوة قلبه، يحسب أنه على شيء وهو ليس على شيء.

عباد الله: إن من أهم ما يقوي الإيمان في القلوب التوجه بالدعاء إلى المولى عز وجل بأن يجدد الإيمان في قلوبنا، فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنَّ الإيمانَ ليَخلَقُ في جوفِ أحدِكم كما يَخْلَقُ الثوبُ ، فاسأَلوا اللهَ أن يُجدِّدَ الإيمانَ في قلوبِكم) ومن أبرز الأسباب التي تقوِّي الإيمان الاستكثار من الأعمال الصالحة والقربات النافعة، لكن ينبغي للمسلم أن يراعي في ذلك أموراً منها المسارعة إلى الأعمال الصالحة وعدم التباطؤ والتثاقل والتسويف، يقول عز وجل: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ) وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (التُّؤدة في كلِّ شيء خيرٌ إلَّا في عمل الآخرة) ثم عليك أخي المسلم بالاستمرار على الأعمال الصالحة وربك عز وجل يقول: (وَمَا يَزالُ عَبْدِي يتقرَّبُ إِلى بالنَّوافِل حَتَّى أُحِبَّه) والمداومة على الأعمال الصالحة تقوي الإيمان، ولهذا كان أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، ومما ينبغي للعبد فعله الاجتهاد في الأعمال الصالحة، فقد يجد العبد في بعض الطاعات صعوبة على نفسه لكن عليه أن يجاهد نفسه حتى تعتاد الطاعة وتألف القربة.. ومن الأمور المهمة: الحرص على تنويع العبادة لئلا تمل النفس وتكسل.

أيها الإخوة والأخوات في الله: إن العمر والله قصير مهما طال، والموت يأتي بغتة، وإن من الخير كل الخير للعبد أن تحين منيته فيقدم على ربه، وقد امتلأ قلبه بالإيمان، وامتلأت صحائف عمله بالخير، وجد واجتهد في كل ما من شأنه رفعة منزلته وعلو درجته يوم القدوم على ربه عز وجل، ولئن فرط العبد في ذلك في الاستعداد للآخرة في الاستعداد لملاقاة الله، فو الله سيأتي عليه يوم يندم، ويتمنى أن يعود إلى الدنيا ليصحح من حاله ووضعه ويستكثر من أعماله الصالحة لكن هيهات هيهات.

قال الله عز وجل: (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ) ، فنسأل الله عز وجل أن يجدد الإيمان في قلوبنا، وأن يحي قلوبنا ويغيثها بالإيمان والعمل الصالح إنه سميع مجيب.

نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم، وبهديِ سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله ولي الصالحين، نحمده سبحانه ونشكره، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، إمام المرسلين وقائد الغرِّ المحجَّلِين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين.

أما بعد فيا أيها المسلمون: في ظل استمرار جائحة كورونا في هذا العام، وخطورة تفشي العدوى في التجمعات والحشود البشرية، والتنقلات بين دول العالم، وازدياد معدلات الإصابات عالمياً، فقد أقامة المملكة العربية السعودية حرسها الله، حج هذا العام 1441هـ بأعداد محدودة لمواطنيها وللمقيمين من الجنسيات المختلفة المتواجدين داخل المملكة، وخيراً فعلت، وذلك حرصاً منها على إقامة هذه الشعيرة، بشكل آمن وصحي، وبما يحقق متطلبات الوقاية والتباعد الاجتماعي والمكاني اللازم، لضمان سلامة الإنسان، وحمايته من مهددات هذه الجائحة، وتحقيقًاً لمقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ النفس البشرية بإذن الله، وقد منَّ الله تعالى على بعض الحجاج المتواجدين  بالمملكة العربية السعودية في الأيام الماضية، بالحج إلى بيت الله الحرام، وأداء المناسك، والتعبد لله تعالى بتوحيده وتعظيمه والإكثار من ذكره، بكل يسر وسهولة وتنظيم وأمن وأمان واطمئنان ولله الحمد والمنة…

ولقد بذلت المملكة العربية السعودية -أعزها الله بالإسلام- ممثلة في قيادتها وولاة أمرها وجميع المسئولين عن أمور الحج والحرمين الشريفين، بذل هؤلاء جهداً كبيراً، وسعياً حثيثاً مشكوراً ومذكوراً، في تيسير وتنظيم مناسك حج هذا العام وفق إجراءات احترازية استثنائية شديدة الدقة، للوقاية من انتشار هذا الوباء، وحرصاً منهم على تحقيق أعلى معايير سلامة وصحة ضيوف الرحمن والعناية بهم . الأمر الذي عكس مدى قدرة المملكة العربية السعودية وحرصها على تحمل تلك المسؤولية المقدسة بإقامة كبرى الشعائر الإسلامية، أداء لرسالتها النبيلة في خدمة ديننا الإسلامي الحنيف.

عباد الله: لقد مرت أيام الحج بفضل الله وتوفيقه ميسرة سهلة، ليس فيها شائبة ولا حزن ولا وباء، وأدى الحجاج مناسكهم آمنين مطمئنين على أنفسهم وأموالهم وأهليهم، والكل فرح مسرور لما رأوه من تنظيم وتيسير وتعاون وبذل وعطاء من أبناء المملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعباً، بارك الله في جهودهم وجزاهم خيراً.

فهنيئاً للمملكة العربية السعودية هذا النجاح والتخطيط البديع لتسيير الحج،  وهذا التنظيم الرائع، والتوفيق الكبير، ومزيداً من هذه الخدمات الرائعة، وتلك الإنجازات الجبارة، ومزيداً من التعاون على الخير والبر والرحمة. ومزيداً من جهود الخير التي تيسر سبل الطاعة وتخففها على الناس… إن الواجب على كل مسلم ومسلمة ممن حج هذا البيت ، أن يقدم الشكر والتقدير والثناء والدعاء لهذه الدولة المباركة، التي تتحمل العناء من أجل راحة المسلمين من حجاج ومعتمرين وزائرين على مدار العام، فواجب دعمها وواجب شكرها ورد الجميل لها، فمن الآداب والتوجيهات النبوية، قوله صلى الله عليه وسلم: (َمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًاً فَكَافِئُوهُ،  فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ ، فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ) جهود جبارة، حقيقة بالشكر والثناء والدعاء، وسؤالِ الله للقائمين على الحرمين الشريفين بالإعانة والتوفيق والتسديد والقبول..وواجب علينا أن نقول لأشقائنا وإخواننا في المملكة العربية السعودية لقد أحسنتم، أحسن الله إليكم، وبارك في جهودكم، وجزاكم الله عن حجاج بيت الله الحرام خير الجزاء، ونسأل الله تعالى أن يديم على بلاد الحرمين الشريفين وقادتها وولاتها وشعبها، نعمة الأمن والأمان والسلامة والإسلام، واجتماع الكلمة ووحدة الصف، وأن يصرف عنها كل كيد وسوء وشر ومكروه، إنه ولي ذلك والقادر عليه..

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين، اللهم اجعل بلادنا وخليجنا آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في وطننا، ووفق ولاة أمورنا، وفق ملكنا حمد بن عيسى ورئيس وزرائه خليفة بن سلمان وولي عهده سلمان بن حمد، وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين.. اللهم من أراد بلادنا وبلاد الحرمين الشريفين وخليجنا وجيشنا ورجال أمننا، بشر وسوء وفتنة فأشغله بنفسه، وأجعل كيده في نحره، وأدر دائرة السوء عليه يا سميع الدعاء.. اللهم أحفظ بلادنا وبلاد المسلمين وبلاد العالم أجمعين من الأوبئة وسيئ الأسقام، ومّن بالشفاء والعافية على المصابين بهذا الوباء، وارحم موتاهم، وعجل بانتهائه في القريب العاجل برحمتك وفضلك وجودك يا أرحم الراحمين.

اللهم انصر عبادك المستضعفين المظلومين في كل مكان، اللهم كن معهم ناصراً ومؤيداً، ولا تسلط عليهم من لا يخافك ولا يرحمهم..

اللهم أحفظ أهلنا في لبنان من كل سوء ومكروه، وألطف بهم في مصابهم، وارحم موتاهم، واشف جرحاهم وآمن رواعتهم، وارزقهم الصبر والسلوان فيمن فقدوا من أهلهم وذويهم وأحبابهم يا سميع الدعاء.

اللهم فرج الهم عن المهمومين، ونفس الكرب عن المكروبين، واقض الدين عن المدينين وأشف مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا وموتى المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم صل وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

     خطبة جامع الفاتح الإسلامي – عدنان بن عبد الله القطان – مملكة البحرين